في تحرك لافت يحمل نذر تصعيد سياسي، أطلقت المعارضة الصومالية نداءً عاجلًا دعت فيه إلى مشاورات وطنية شاملة، محذرة من انزلاق البلاد إلى أتون “دكتاتورية تهدد النظام الدستوري والفيدرالي” في الصومال.
بيان من 16 شخصية سياسية بارزة
أصدر 16 سياسيًا صوماليًا من بينهم رؤساء جمهورية ورؤساء وزراء ومرشحون رئاسيون سابقون بيانًا رسميًا اليوم الأربعاء، في تعليق مباشر على إعلان تأسيس حزب “العدالة والتضامن” بقيادة الرئيس الحالي حسن شيخ محمود، والذي يضم أبرز قيادات الحكومة الفيدرالية وبعض رؤساء الولايات الإقليمية، بالإضافة إلى شخصيات برلمانية.
وأشار البيان إلى أن المجلس الاستشاري الوطني الذي كان يمثل أحد أبرز أدوات الحوار الوطني قد انتهى فعليًا، بعد تشكيل هذا التحالف الجديد، معتبرين أن الرئيس اختار الهروب للأمام وتجاهل الخلافات السياسية بدلًا من السعي لحلّها.
دعت المعارضة الصومالية إلى تنظيم مشاورات وطنية عاجلة، بمشاركة القوى السياسية والمجتمع المدني وشرائح المجتمع المختلفة، بهدف “إنقاذ البلاد من دكتاتورية تتجه نحو تقويض الدستور”.
ووجّه البيان تحذيرًا شديد اللهجة إلى الرئيس حسن شيخ محمود، محملًا إياه مسؤولية إثارة الفتن في ولاية جوبالاند، التي تشهد توترًا متزايدًا في الفترة الأخيرة بسبب قرارات مركزية مثيرة للجدل.
إشادة بالموقف الأميركي..ودعوة للتحقيق الدولي
رحبت المعارضة بموقف الولايات المتحدة الرافض للخطوات التي يتخذها الرئيس الصومالي “دون توافق وطني”، ودعت المجتمع الدولي لاتخاذ مواقف مماثلة تدعم استقرار البلاد وتحترم إرادة شعبها.
كما دعا البيان رؤساء ولايات غلمدغ وهيرشبيلي وجنوب الغرب، الذين انتهت ولايتهم الدستورية، إلى إجراء انتخابات حرة نزيهة، وعدم الاستمرار في دعم ما وصفه البيان بـ”تفكيك النظام الفيدرالي”.
ولم يخلُ البيان من توجيه الاتهامات بالفساد، حيث طالب خبراء الأمم المتحدة بفتح تحقيقات عاجلة في قضايا الفساد المتفشية داخل مؤسسات الدولة، والكشف عن الشخصيات المتورطة فيها.
المعارضة الصومالية ترفض تسييس الدولة
أكدت المعارضة الصومالية في بيانها أن مشروع الحزب الجديد بقيادة الرئيس حسن شيخ لا يمثل إرادة وطنية، بل يُعد محاولة مكشوفة لتسييس الدولة وإعادة تركيز السلطة في يد فئة واحدة. واعتبرت أن هذا التوجه يتناقض مع مبادئ التعددية السياسية التي كافح الصوماليون طويلًا من أجل ترسيخها.
رسالة إلى المجتمع الدولي
وجهت المعارضة الصومالية نداءً مباشرًا إلى المجتمع الدولي، مطالبة بلعب دور فاعل في دعم المؤسسات الدستورية ومراقبة أي تحركات قد تؤدي إلى تقويض الديمقراطية. وحذرت من تجاهل الأزمة السياسية الحالية، مؤكدة أن الصمت الدولي قد يُفهم كضوء أخضر للمزيد من الانتهاكات.
تصعيد سياسي في الأفق
أشارت مصادر مقربة من المعارضة الصومالية إلى أن هناك خطوات تصعيدية قيد الدراسة، منها تنظيم مؤتمرات شعبية، وتقديم طعون قانونية ضد بعض التعيينات والإجراءات التي اتخذها الرئيس مؤخرًا. ويبدو أن البلاد تتجه نحو مواجهة سياسية محتدمة ما لم يُفتح باب الحوار الحقيقي.
من اللافت أن المعارضة الصومالية رغم تنوع خلفياتها السياسية قد أظهرت وحدة غير مسبوقة في موقفها من الوضع الراهن، ما يعطي إشارات قوية على تصاعد قوتها وتماسكها في مواجهة التحالف الحاكم. وتعد هذه الوحدة ورقة ضغط قد تُحدث تحولًا في موازين القوى.
لم تغفل المعارضة الصومالية في بيانها عن الدعوة إلى إصلاح شامل للنظام الانتخابي في البلاد، لضمان نزاهة الانتخابات القادمة وقطع الطريق على أي محاولات لتزوير الإرادة الشعبية. واعتبرت أن بناء نظام انتخابي عادل يمثل حجر الزاوية في حماية مستقبل الصومال السياسي.
المعارضة الصومالية..صوت يتعالى في وجه التفرد
تؤكد هذه التطورات أن المعارضة الصومالية عازمة على تصعيد الضغوط السياسية في مواجهة ما تعتبره انحرافًا خطيرًا عن المسار الديمقراطي، في وقت يزداد فيه القلق المحلي والدولي من مستقبل البلاد في ظل تفكك مؤسسات الحوار واستقطاب سياسي متصاعد.
تعرف المزيد على: صوماليلاند..هل تعترف واشنطن أخيراً بـ”الدولة المعلّقة”؟