في ظل المتغيرات المتسارعة التي تشهدها منطقة القرن الإفريقي، تبرز العلاقات الإماراتية الصومالية كنموذج فريد للتعاون العربي الشامل. فمن الدعم الإنساني إلى المساندة الأمنية والسياسية، تواصل الإمارات لعب دور محوري في دعم استقرار الصومال، ما يؤكد متانة الروابط التاريخية التي تربط البلدين منذ عقود.
علاقات أخوية تاريخية تتجدد بروح الشراكة
العلاقات الإماراتية الصومالية ليست وليدة اللحظة، بل تعود إلى بدايات تأسيس دولة الإمارات، حيث كانت الصومال من أوائل الدول التي أقامت علاقات رسمية مع أبوظبي. وامتدت هذه العلاقات لتشمل مجالات حيوية كالاستثمار، والتجارة، والتعليم، والدعم الإنساني، والتعاون العسكري.
على مدى السنوات الماضية، حرصت الإمارات على الحفاظ على استقرار الصومال ووحدته، ووقفت بجانبه في أوقات الأزمات السياسية والاقتصادية. وقد عبّر الطرفان مرارًا عن التزامهما المشترك بتطوير هذه العلاقات في إطار الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.
وفي السنوات الأخيرة، وعلى الرغم من بعض التباينات السياسية، نجح البلدان في تجاوز الخلافات واستئناف التعاون البنّاء، مما يعكس عمق الروابط الاستراتيجية بينهما.
زيارة الرئيس الصومالي للإمارات نقطة تحول في العلاقات الإماراتية الصومالية
في مارس 2025، أجرى الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود زيارة رسمية إلى دولة الإمارات، التقى خلالها بصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان. جاءت هذه الزيارة في وقت حساس تمر به المنطقة، ما أضفى على اللقاء بُعدًا استراتيجيًا مهمًا.
ناقش الجانبان خلال الزيارة تعزيز التعاون في مجالات الأمن، وإعادة الإعمار، والاستثمار، وتوفير فرص العمل للشباب الصومالي. كما أكّد الرئيس الصومالي على تقديره للدور الإماراتي في دعم بلاده، معتبرًا أن العلاقات الإماراتية الصومالية تمثل حجر الأساس في السياسة الخارجية الصومالية.
من جانبه، أكد الشيخ محمد بن زايد أن الإمارات ستواصل دعمها للشعب الصومالي في سعيه لتحقيق الاستقرار والتنمية، مشيرًا إلى أهمية الشراكة بين البلدين في مواجهة التحديات الإقليمية.
مبادرات إنسانية إماراتية تُحدث فرقًا على الأرض
الإمارات كانت وما زالت من أكبر الداعمين الإنسانيين للصومال. ففي ظل أزمة الجفاف والمجاعة التي ضربت البلاد في السنوات الأخيرة، قدمت الإمارات مئات الأطنان من المساعدات الغذائية والطبية، كما أطلقت حملات إغاثية طارئة للمناطق المتضررة.
شملت المبادرات:
- بناء مستشفيات ميدانية ومراكز صحية في مقديشو ومدن أخرى.
- توفير مياه الشرب للمناطق الريفية المتضررة من الجفاف.
- توزيع طرود غذائية لعشرات الآلاف من الأسر النازحة.
- تمويل مشاريع تنموية صغيرة لتحسين سبل العيش.
كما قدّمت الإمارات، عبر مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية والهلال الأحمر الإماراتي، دعمًا إنسانيًا نوعيًا للشعب الصومالي. وشملت هذه المبادرات:
- إرسال شحنات طبية وغذائية إلى المناطق المنكوبة بالجفاف والنزاعات.
- دعم قطاعات الصحة والتعليم والمياه.
- إنشاء مشاريع صغيرة للأسر الفقيرة والنازحة.
- تنفيذ برامج إعادة تأهيل للأطفال والنساء في المخيمات.
كل ذلك يعكس سياسة إماراتية قائمة على الوقوف بجانب الشعب الصومالي في محنه وتخفيف معاناته.
دعم عسكري يعزز قدرات الجيش الوطني الصومالي
في ظل التهديدات الأمنية المستمرة من قبل حركة الشباب المتشددة، لعبت الإمارات دورًا كبيرًا في دعم الجيش الصومالي. فقد قامت:
- بتدريب وتأهيل عناصر من القوات الخاصة الصومالية داخل قواعد إماراتية.
- بتوفير الدعم اللوجستي والمعدات العسكرية المتقدمة.
- بإعادة تأهيل مقار ومعسكرات الجيش الصومالي المتضررة من الصراعات.
- بتمويل برامج لتعزيز الانضباط والاحتراف العسكري.
وساهم هذا الدعم بشكل مباشر في رفع كفاءة الجيش في مواجهة الجماعات الإرهابية، كما عزز الروح المعنوية للجنود على جبهات القتال.
تحالف استراتيجي لمستقبل أكثر استقرارًا
العلاقات الإماراتية الصومالية تتجه اليوم نحو مرحلة أكثر عمقًا وشمولًا، عنوانها الاستثمار في الإنسان والأمن والتنمية. وقد أثبتت الإمارات أنها شريك صادق يعمل بعيدًا عن المصالح الضيقة، من أجل رؤية تنموية شاملة تُعيد الأمل للشعب الصومالي.
ومع استمرار التنسيق بين البلدين، يتوقع أن تلعب العلاقات الإماراتية الصومالية دورًا محوريًا في إعادة صياغة مستقبل القرن الإفريقي، وتعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي.
تعرف المزيد على: تصعيد ميداني في شبيلي السفلى..هل اقتربت نهاية “الشباب”؟