في ظل استمرار التصعيد بين إسرائيل وإيران، تتزايد المخاوف الدولية من تلوث نووي محتمل بعد أن أعلنت إسرائيل استهدافها منشآت نووية حساسة في عدة مدن إيرانية، مثل نطنز وأصفهان وأراك وطهران.
ورغم تأكيد إسرائيل أن الهدف من تلك الهجمات هو تعطيل القدرات النووية الإيرانية ومنع تطوير قنبلة ذرية، حذّرت منظمات وخبراء من تداعيات بيئية وصحية قد تُصيب المنطقة، التي تضم عشرات الملايين من السكان وتُعد مصدرًا رئيسيًا لإنتاج النفط العالمي.
منشآت مستهدفة وسط إنكار إيراني لتطوير أسلحة نووية
استهدفت الهجمات الإسرائيلية مواقع نووية إيرانية في كل من نطنز، أصفهان، طهران وأراك، وهي منشآت متخصصة في تخصيب اليورانيوم وتصنيع أجهزة الطرد المركزي. وبينما تصر طهران على أن برنامجها النووي لأغراض سلمية، تواصل إسرائيل عملياتها العسكرية مدعية منع إيران من إنتاج سلاح نووي.
الوكالة الدولية للطاقة الذرية أكدت تعرض منشآت تخصيب اليورانيوم لأضرار مباشرة، بما في ذلك نطنز وأصفهان، فضلًا عن مجمعات نووية أخرى في كرج وطهران، كما أشارت إلى معلومات تؤكد قصف مفاعل “خُنداب” في أراك، وهو مفاعل أبحاث لم يكن قيد التشغيل وقت الهجوم، دون الإبلاغ عن تسرب إشعاعي حتى الآن.
التصعيد بين إسرائيل وإيران يثير مخاوف من كارثة إشعاعية
في تحليل للمخاطر المحتملة، أكد الدكتور بيتر براينت، أستاذ علوم الإشعاع بجامعة ليفربول، أن التهديد الإشعاعي ما زال محدودًا لأن بعض المنشآت المستهدفة مثل نطنز تقع تحت الأرض، ولم تُسجل تقارير عن تسرب إشعاعي. وأضاف:
“اليورانيوم لا يُشكل خطرًا كبيرًا إلا إذا تم استنشاقه أو دخوله إلى الجسم”.
أما الباحثة داريا دولزيكوفا من المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن، فذكرت أن الهجمات على المنشآت في مراحل مبكرة من دورة الوقود النووي تُعد أكثر خطورة من الناحية الكيميائية، خصوصًا في حال تسرب غاز سادس فلوريد اليورانيوم، الذي يتفاعل مع بخار الماء مسببًا مواد كيميائية ضارة.
وتعتمد شدة التلوث وانتشاره على الظروف الجوية، إذ يمكن أن يؤدي الهواء الساكن إلى تركيز المواد بالقرب من الموقع، بينما تنقل الرياح القوية المواد لمسافات أكبر، ما يزيد من خطر التلوث الكيميائي أو الإشعاعي في ظل التصعيد بين إسرائيل وإيران.
مفاعل بوشهر.. مصدر القلق الأكبر
يرى عدد من الخبراء أن الخطر الأكبر يكمن في توجيه ضربة لمفاعل بوشهر النووي الإيراني، وهو مفاعل طاقة كبير.
يقول البروفيسور ريتشارد ويكفورد، أستاذ علم الأوبئة بجامعة مانشستر، إن إصابة هذا المفاعل قد تُطلق عناصر مشعة في الهواء أو البحر، مما قد يُحوّل الأمر من مجرد تهديد كيميائي إلى كارثة إشعاعية شاملة.
وأكد جيمس أكتون، مدير السياسات النووية بمؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، أن الهجوم على مفاعل بوشهر قد يخلّف تداعيات خطيرة، خلافًا للهجمات على منشآت التخصيب التي لا يُتوقع أن تُسبب أضرارًا كبيرة خارج الموقع، لأنها تحتوي على يورانيوم غير مشع في تلك المرحلة.
تلوث نووي محتمل قد يمتد إلى مياه الخليج
القلق لا يقتصر على اليابسة فقط، بل قد يمتد إلى البحر، حذّرت تقارير من أن استهداف مفاعل بوشهر قد يؤدي إلى تلوث مياه الخليج العربي، مما يُهدد إمدادات المياه المحلاة التي تعتمد عليها دول الخليج كمصدر رئيسي لمياه الشرب، الأمر الذي قد يُفاقم الأزمة البيئية والإنسانية في المنطقة.
مستقبل التصعيد بين إسرائيل وإيران.. إلى أين؟
تأتي هذه التطورات في وقت بلغ فيه التصعيد بين إسرائيل وإيران يومه السابع. فمنذ 13 يونيو الجاري، شنت إسرائيل سلسلة غارات على مواقع عسكرية ومنشآت نووية، إضافة إلى اغتيالها عددًا من القادة العسكريين والعلماء النوويين الإيرانيين. من جهتها، ردّت طهران بإطلاق صواريخ وطائرات مسيرة باتجاه الأراضي الإسرائيلية، مع تهديدات بتوسيع دائرة الرد.
تعرف المزيد على: البورصة في الصومال أولى الخطوات نحو تداول الأسهم والصكوك الإسلامية
ومع استمرار التصعيد بين إسرائيل وإيران، يبقى العالم مترقبًا لاحتمالية دخول المنطقة في مرحلة أكثر خطورة، لا سيما مع اقتراب العمليات العسكرية من منشآت حيوية ذات طابع نووي قد تُهدد الأمن البيئي والصحي الإقليمي والدولي.