في ظل ما يتردد من شائعات عبر بعض وسائل الإعلام، خرجت الحكومة الصومالية عن صمتها لتؤكد أن الاتفاق العسكري بين الصومال ومصر لا يزال ساريًا وفعّالًا، وأن العلاقات بين البلدين أقوى من أن تهزها تقارير صحفية غير موثقة. هذا التأكيد يأتي كرد واضح على تقارير زعمت تجميد الاتفاقية الثنائية بين الدولتين، وهو ما نفته مقديشو بشكل قاطع.
نفي رسمي من السفير الصومالي في القاهرة
أصدر السفير علي عبدي أواري، سفير جمهورية الصومال الفيدرالية لدى القاهرة، بيانًا رسميًا يوم الأربعاء، ينفي فيه وجود أي توتر في العلاقات الثنائية مع مصر، أو تعليق للاتفاق الدفاعي الموقع في أغسطس 2024، مؤكدًا أن هذه المعلومات “عارية تمامًا من الصحة”. كما شدد على أن الاتفاق العسكري بين الصومال ومصر يمثل ركيزة رئيسية في التعاون الاستراتيجي بين البلدين، خاصة في ظل التحديات الأمنية الإقليمية.
ودعا السفير وسائل الإعلام إلى “توخي الدقة وعدم الاستناد إلى معلومات مغلوطة تمس العلاقات بين الأشقاء”، مؤكدًا أن مصر كانت ولا تزال حليفًا أساسيًا لبلاده.
دعم مصري متواصل للصومال في المحافل الإقليمية
من جهته، شارك رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، بتفويض من الرئيس عبد الفتاح السيسي، في القمة غير العادية للدول المساهمة بقوات في بعثة الاتحاد الإفريقي لدعم الصومال (AUSSOM)، والتي انعقدت مؤخرًا في أوغندا.
وشدد مدبولي على التزام مصر الثابت تجاه الصومال، مؤكدًا أن الاتفاق العسكري بين الصومال ومصر يشكل أحد أعمدة الدعم المصري لمقديشو في مساعيها لمحاربة الإرهاب وبناء مؤسسات الدولة.
الاتفاقية العسكرية: بنود وآفاق مستقبلية
جدير بالذكر أن الاتفاقية التي وُقعت في أغسطس 2024، تنص على تعزيز التعاون في مجالات الدفاع والتدريب والتسليح، بالإضافة إلى مشاركة مصر بقوات ضمن بعثة AUSSOM التابعة للاتحاد الإفريقي، ودعم قدرات الجيش الوطني الصومالي بمعدات حديثة وتقنيات متطورة.
وتم التوقيع عليها بحضور الرئيسين حسن شيخ محمود وعبد الفتاح السيسي، في خطوة اعتُبرت تاريخية لتعزيز الاتفاق العسكري بين الصومال ومصر.
وفي مؤتمر صحفي عقده رئيس الوزراء مدبولي أمس بالقاهرة، قال: “تولي مصر استقرار القارة الإفريقية أولوية قصوى، ووجود قوات مصرية في الصومال سيكون جزءًا من بعثة دولية لدعم الاستقرار”، مشددًا على حرص بلاده على دعم جميع الدول الإفريقية، وخاصة في مجالات التنمية والأمن.
كما أكد أن القاهرة تدعم الرؤية التي طرحها الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود لبناء دولة موحدة وقوية، وهو ما يعزز أهمية الاتفاق العسكري بين الصومال ومصر كمكوّن أساسي لهذا الدعم.
لا يُنظر إلى الاتفاق العسكري بمعزل عن السياق الأوسع للعلاقات الثنائية. فالتعاون السياسي والدبلوماسي يشهد أيضًا تطورًا ملحوظًا، تمثّل في تعزيز التمثيل الدبلوماسي، وتبادل الزيارات الرسمية، ومشاركة مصر في جهود التنمية والإغاثة بالصومال، وهو ما أكده السفير أواري بقوله: “مصر شريك تاريخي للصومال وستظل دائمًا داعمًا رئيسيًا لأمنه واستقراره”.
أثار الاتفاق العسكري بين الصومال ومصر اهتمامًا واسعًا على المستويين الإقليمي والدولي، حيث رأت عدة عواصم أفريقية أن هذه الخطوة تمثل نموذجًا ناجحًا للتعاون بين دولتين عربيتين في محيط مضطرب. وقد أشار بعض المحللين إلى أن التنسيق الأمني بين البلدين يمكن أن يسهم في تشكيل تحالف أمني أوسع يشمل دول القرن الإفريقي لمواجهة التحديات المشتركة.
بالإضافة إلى البعد العسكري، من المتوقع أن يفتح الاتفاق العسكري بين الصومال ومصر الباب أمام تعاون اقتصادي أوسع، خصوصًا في مجالات البنية التحتية، والطاقة، والزراعة. مصر تمتلك خبرات كبيرة في هذه المجالات، وتسعى الصومال للاستفادة منها ضمن خططها الوطنية للتنمية، الأمر الذي يعزز من الشراكة الاستراتيجية بين البلدين على المدى البعيد.
يمثل تثبيت الاتفاق العسكري بين الصومال ومصر رسالة واضحة إلى أي أطراف قد تراهن على تراجع هذا التعاون أو عرقلته. فقد أكد المسؤولون في البلدين، سواء من خلال التصريحات أو اللقاءات الرسمية، أن التحالف بين القاهرة ومقديشو ليس تحالفًا عابرًا، بل خيار استراتيجي يعكس تقارب الرؤى والمصالح المشتركة.
رغم التحديات الإقليمية، يتوقع أن يشهد الاتفاق العسكري بين الصومال ومصر تطورات جديدة في المرحلة المقبلة، من بينها تفعيل التدريبات المشتركة، وتوسيع التعاون الاستخباراتي، ودعم بناء قدرات المؤسسات الأمنية الصومالية. ويعكس ذلك التزام القاهرة ومقديشو ببناء تحالف مستدام يُسهم في ترسيخ الاستقرار والأمن بالقرن الإفريقي.
شراكة استراتيجية لمواجهة التحديات
رغم ما تحاول بعض الجهات ترويجه، فإن الاتفاق العسكري بين الصومال ومصر لا يزال قائمًا ويعكس شراكة استراتيجية تهدف إلى تحقيق الاستقرار في منطقة القرن الإفريقي. ومع تصاعد التحديات الأمنية في المنطقة، فإن هذا التعاون يمثل نموذجًا للتكامل العربي والإفريقي في مواجهة الإرهاب وتعزيز الأمن الإقليمي.
تعرف المزيد على: التنسيق الإرهابي بين الحوثيين وحركة الشباب يهدد أمن البحر الأحمر